في صمت وتواضع كبيرين، شأن كل المبدعين الحقيقيين، المرتبطين بالعتمات والظلال، الرافضين للأضواء الكاشفة، يواصل الشاعر نور الدين الدامون مسيرته الإبداعية في وطن لا يضيق بأرواح الشعراء الباحثين عن سماء أرحب للحلم. فبعد صدور دواوينه:
"الوقوف بين الأسماء" (سنة: 1999) و"يشرقون موتا" (2010) و"كم الساعة في الكون؟" (2011)، وبعد ترجمته الفذة الجديرة بالقراءة لكل من الشاعر الإسباني الكبير لويس سيرنودا في ديوانه "الواقع والرغبة" (2010) ولأنطولوجية الشعر الإسباني الموسومة بـ "لم ينزل الملاك بعد" (2011): ودون انتظار مباركة أو تهليل، يطلع علينا الشاعر بديوانه الجديد "صبحنا خطوة بين خوفين" (2013)، الصادر عن دار الأمان بالرباط، بغلاف أخضر، تزينه لوحة "ملاك يعزف على كمان" للرسام الإيطالي موريتزو فورلي.
وإذا كان الشاعر، في دواوينه السابقة قد اشتغل على تيمة الموت، كآفة سياسية مرتبطة بسنوات الجمر والرصاص، ثم اشتغاله على نفس التيمة في ديوانه "كم الساعة في الكون؟" و"يشرقون موتا"، لكن هذه المرة من منظور فلسفي أونطولوجي؛ فإنه في ديوانه الأخير "صبحنا خطوة بين خوفين" يعمل على نقل تجربته إلى فضاءات جديدة، يحاور فيها أدباء وشعراء كبار من أمثال رونيه شار، أرثير رامبو، ويليام بليك وغيرهم، معنيا هذه المرة على الانفتاح على تعقدات الحياة بما فيها من نوازع الحب، والحلم والتضحية ونكران الذات الذي تتطلبه المرحلة الراهنة للربيع العربي... وذلك بلغة متجذرة متميزة، الشيء الذي يجعل ديوانه تجربة حياة بامتياز.